كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وذلك إنما يكون بتقض أشهره عند من يراها شوال وذا القعدة وعشرًا من ذي الحجة.
فأما اشتراطنا أن توقع العمرة في أشهر الحج فهذا مما لا اختلاف فيه.
والأصل في ذلك أن الرخصة إنما وردت بإيقاع العمرة في أشهر الحج التي الحج أولى بها؛ لأن العرب كانت تمتنع من فعل العمرة في أشهر الحج، وترى ذلك من أعظم الفجور؛ ولذلك روجع النبي -صلى الله عليه وسلم -لما أمرهم أن يحلوا بعمرة؛ فروى وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا، ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر. فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -صبح رابعة مهلين بالحج أمرهم أن يحلوا فتعاظم ذلك عندهم؛ فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: "الحل كله".
وإذا صح ذلك -وكانت رخصة المتعة متعلقة بارتفاع العمرة في أشهر الحج التي الحج أولى بها -وجب سقوط الدم مع عدمها؛ لأنه لم تحصل المتعة لإيقاعها في وقت ليس للحج فيه مدخل؛ فلم يترك التشاغل بالحج لأجلها.
وذلك مروى عن جماعة من السلف من الصحابة والتابعين لا خلاف بينهم فيه -أعنى: اعتبار وقوع العمرة في أشهر الحج.
وليس من شرطه عندنا أن يبتدئ الإحرام بالعمرة في أشهر الحج؛ لأنه

الصفحة 278