كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

والآخر: هل عليه الدم أم لا.
وعند عبد الملك وابن الماجشون أن القارن من أهل مكة عليه الدم، ولا دم على المتمتع؛ ففصل بين التمتع والقران.
والدليل على جواز تمتع أهل مكة قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}.
وهذا خبر عن التمتع يقتضى إباحته على العموم. ثم استثنى أهل مكة من جملة من أوجب عليه الهدى؛ فوجب بذلك جواز التمتع لهم، وسقوط الدم عنهم.
فإن قيل: هذا دليلنا؛ لأن قوله عز وجل: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} استثناء؛ فهو عائد على الفعل المباح الذي هو التمتع.
قيل له: لا يصح ذلك؛ لأن الأول بمنزلة اسم مبتدأ لا يفيد بنفسه؛ لا يمكن الاستثناء منه، وإنما يتعلق بما تعلق به من الأحكام؛ ألا ترى أنه لو قال: (من تاب قبلت توبته إلا فلانًا) لم يتناول الاستثناء إلا قبول التوبة دون وقوعها؟ وكذلك قوله: (من دخل دار أبى سفيان فهو آمن) لو وصله باستثناء فقال: (إلا فلانًا) لعاد على الأمن دون الدخول؛ فكذلك في مسألتنا.
ويدل على ما قلناه أيضًا: أن كل من جاز له الإفراد جاز له التمتع؛

الصفحة 285