كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وروي نحوه على الحسن، وطاوس، ونافع، وعبد الرحمن الأعرج.
فأما أهل منى وعرفات وما قرب ذلك من المناهل مثل قديد وعسفان ومر الظهران فليسوا من حاضري المسجد الحرام، وعليهما الدم عندنا في التمتع والقران.
وروى عن ابن عباس، ومجاهد أنهم أهل الحرم.
وقال عطاء، ومكحول: هم من دون المواقيت إلى مكة. وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، إلا أنهم قالوا: أهل المواقيت بمنزلة من بعدهم.
وقال الشافعي: هم من كان من الحرم على مسافة لا تقصر فيها الصلاة؛ فكل من كان بين منزله وبين طرفا من أطراف الحرم من المسافة أقل من حد ما تقصر فيه الصلاة -فهو ستة عشر فرسخًا -فإنه متى تمتع أو قرن فلا دم عليه.
والذي اعتبرناه متفق عليه؛ فلسنا نحتاج إلى دلالة تتناوله، وإنما الخلاف فيما زاد عليه.
والذي يدل على أن من عدا أهل مكة فليس بمراد بالآية أن الله تعالى ذكره علق وجوب الدم بمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. والحاضر للشيء هو المجاور له والقريب من موضعه؛ ولك يفيد أن من لم يكن من أهل مكة فليس بحاضر المسجد لأنه غاب عنه.
فإن قيل: إن حاضر الشيء هو الذي يجاوره، لا الذي يحل فيه؛ لأن القائل إذا قال: حضرت زيدًا فمراده: إني جاورته وقريب منه، لا أنى حللت مكانه.

الصفحة 287