كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

فلا يمتنع عليه؛ اعتبارًا بمساكن مكة [] فوجب أن يكونوا من حاضري المسجد الحرام اعتبارًا بأهل مكة.
قلنا: إن عللتم بسقوط دم التمتع عنهم فعلتنا في الأصل كون أهل مكة حاضري المسجد الحرام، وليس كذلك غيرهم.
وإن عللتم بكونهم حاضري المسجد الحرام فذلك باطل؛ لأن الحاضر ليس هو الحاصل معه المشاهد له، فأما الغائب عنه فليس بحاضر له، ولا فرق بينه وبين من كان على مسافة تقصر الصلاة فيها فإنه في حكم المقيم في الحرم؛ ألا ترى أنه إذا قطع تلك المسافة لم تكن له الترخص بشيء من رخص المسافرين، بل هو في حكم السائر في الحرم؟، وليس كذلك حكم من كان بينه وبين الحرم من المسافة ما تقصر في مثله الصلاة؛ لأنه في حكم المسافر خارج عن حكم المقيم؛ بدلالة جواز السفر له والفطر.
قلنا: إنما وجب ذلك؛ لأن الرخص التي ذكروها من القصر والفطر إنما تعلقت بكون الإنسان مسافرًا، ودلت الدلالة على أن المراد حد من السفر مخصوص، وليس كذلك في المتعة؛ لأن الذي تعلق فيها بأن لا يكون الإنسان حاضر المسجد مطلقًا من غير تحديد.
فبطل بذلك ما ادعوه، والله أعلم.
فأما أصحاب أبى حنيفة فاحتج لهم الرازي بأن قال: أهل المواقيت فمن دونها إلى مكة لهم أن يدخلوها بغرر إحرام وجب أن يكونوا بمنزلة أهل مكة؛ ألا ترى أن من خرج من مكة فلم يجاوز الميقات فلهم الرجوع

الصفحة 289