كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

فصل
فأما قوله أنه: "من وقت يحرم إلى يوم عرفة" فإنه مروى عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وجملته أن المتمتع إذا عدم الهدى فله أن يصوم الثلاثة الأيام من حين يحرم بالحج إلى يوم عرفة، فإن فاته ذلك صام أيام منى؛ على ما سنبينه إن شاء الله.
ولا يجوز له أن يصوم قبل أن يحل من العمرة ولا بعد الإحلال بها وقبل الإحرام بالحج.
وهذه الجملة قولنا، وقول لشافعي إلا في صيام أيام منى فله قولان.
وعند أبى حنيفة أن الصيام جائز للمتمتع إذا أحرم بالعمرة قبل فراغه منها وبعد فراغه أيضًا، وقبل إحرامه بالحج، ولا يجوز ذلك قبل إحرامه بالعمرة.
فالخلاف معه في جواز الصوم قبل الإحرام بالحج.
والذي يدل على صحته ما قلناه: قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج}.
ووجه الاستدلال منه أنه تعالى أوجب الهدى على من حصل متمتعًا إن وجده، فإن لم يجده فالصيام، وما لم يحرم بالحج فليس بممتنع بعد؛ فلا يلزمه الهدى؛ فأحرى أن لا يجوز له الصوم الذي هو بدل عنه؛ لأن الصوم مشروط بعدم الهدى في الحال الذي خوطب بوجوبه فيها.

الصفحة 296