كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

ولأن قوله عز وجل: {فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج} يقتضى أن يكون في التلبس بالحج، وما لم يحرم به فليس في حج، وإنما هو في عمرة.
فإن قيل: قوله تعالى ذكره: {في الحج} إنما المراد به في وقت الحج لا في أفعال الحج، وذلك أنه لا يخلو أن يكون قوله: {في الحج} يراد به في الفعل الذي هو عدمه للحج الذي يفوت الحج بفواته؛ وهو الوقوف بعرفة الذي سماه النبي -صلى الله عليه وسلم -حجًا؛ فقال: {الحج عرفة} فهذا غير صحيح من قبيل أن هذا الفعل إنما يكون بعد الزوال من يوم عرفة، ومحال صوم الثلاثة الأيام في ذلك الوقت، ولا خلاف في جوازها قبله.
أو أن يكون المراد به في الإحرام بالحج أو في أشهر الحج؛ لأن ذلك ينطق عليه اسم الحج؛ لقوله عز وجل: {الحج أشهر معلومات}، وأي ذلك كان فهو جائز؛ لأنه إيقاع للصوم في الحج.
فعن هذا جوبان:
أحدهما: أن قوله تعالى: {في الحج} حقيقته بعد التلبس بالحج، والإنسان لا يكون حقيقة في الحج إلا بعد أن يحرم به، وإذا حصل في وقت الحج ولم يحرم فإنما يقال: إنه في الحج مجازًا أو اتساعًا. والظاهر والحقيقة ما ذكرناه.
والجواب الآخر: أن الصوم في الحج مشروط بعدم هدى كان واجبًا

الصفحة 297