كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

فأما قولك: إنه قد روى: الحج الأكبر يوم عرفة، وروى: يوم النحر، وأنه إذا لم يجز صومه مع تسميته بأنه يوم الحج كان ما لم يسم أولى بذلك للنهى عن صومه: فإنه غلط؛ لأن الظاهر اقتضى أن يصام في الحج، ولم يفصل بين أن يصام ما لم يسم يوم الحج وبين ما لا يسمى بذلك بعد أن يكون في الحج.
وقد اتفقنا على جواز صوم يوم التروية ومن أول شهور الحج وإن لم تسم بأنها يوم حج؛ فكذلك أيام منى.
فأما قوله أن أيام منى أولى ألا تجوز للنهى عن صيامها: فالنهى إذًا هو المعتبر لا نفى كونه يوم حج؛ لم يحصل من هذه الجملة إلا على محض التحكم.
فأما قوله أن الذي يبقى بعد يوم النحر وذلك من توابع الحج فلا اعتبار به: فإنه باطل؛ لأن الظاهر أوجب أن يوقع الصيام في الحج، ولم يوجب أن يقع في فعل هو المقصود منه؛ ألا ترى أنه يجوز أن يصوم في أيام لا يفعل فيها شيئًا من الحج أصلاً؟ وقد ثبت أنه متلبس في هذه الأيام بأفعال الحج، وأنه ليس له أن يحرم بعمرة إلا بعد تقضيها.
وإذا كان كذلك بطل ما قالوه.
وقد ذكر أصحابنا أن هذه الآية التي هي قوله عز وجل: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج} نزلت يوم التروية والناس بمنى، وقد علم أنه لا يمكنهم أن يصوموا في الحج إلا يوم عرفة وبعد يوم النحر؛ فكان ذلك

الصفحة 302