كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

ولأنه إذا لم يكن بد من إضمار في الظاهر كان إضمار الحج أولى؛ لأنه لم [] الضمير إليه إلا الحج؛ لأنه تعالى قال عز من قائل: {فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجعتم} فكان الظاهر أراد إذا رجعتم منه، وذلك الفراغ منه.
فأما اعتراضهم بأن قوله: "في الحج" معناه: في وقت الحج، وأن الوقت لا يصح الرجوع منه: فإنه غير صحيح؛ لأنه لا يمتنع أن يعبر عن الفراغ من الشيء والانصراف عنه بالرجوع؛ كما يقال: رجع الناس من الصلاة معناه: أنهم فرغوا وانصرفوا وإن لم يبلغوا منازلهم.
ولأنه إذا انصرف إلى أهله فليس براجع أيضًا عن الوقت على ما قالوه؛ فالسؤال عائد عليهم. ويدل على ما قلناه أيضًا أنه قد فرغ من أفعال الحج؛ فجاز له الصوم؛ اعتبارًا به إذا رجع إليه.
ولأنه لو كان رجوعه إلى أهله ووطنه شرطًا في جواز هذا الصوم لوجب ألا يجزئه فعله إذا قام بمكة؛ لأن شرط الجواز لم يحصل مع قدرته عليه وتمكنه منه، فلما جاز ذلك له باتفاق دل على بطلان ما قالوه.
وقياسهم غير صحيح؛ لأنه ما دام في الحج فليس براجع؛ فلم يوجد الشرط.
والله أعلم.

الصفحة 311