كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

عادت إلى (مثلي) المقتول من النعم، وإن كانت عائدة إلى أقرب مذكور فأقرب المذكور هو النعم؛ فيجب أن يكون هو المحكوم به.
ولا يجوز أن يرجع إلى القيمة؛ لأنه لم يجز لها ذكر في الآية فتعود الكناية إليها.
والوجه الآخر: قوله عز وجل: {هديًا بالغ الكعبة}؛ فأوجب أن يكون نفس الشيء المحكوم به هديًا بالغ الكعبة، وهذا لا يمكن في القيمة؛ لأنها لا يمكن أن يبلغ بها الكعبة على صفتها دون أن تبدل، وإنما يصح ذلك في المثل الذي يعتبره؛ فصح بذلك ما قلناه.
فإن قيل: ما أنكرتم من أنه لا دلالة لكم في الظاهر من قبيل أنه من ليس فيه أنه مضمون بمثله من النعم، وإنما فيه فجزاء مثل ما قتل من النعم، وهذا لابد فيه من إضمار، وذلك الإضمار هو أن يشترى بالقيمة من النعم أو يعرفه إليها.
قلنا: هذا لا يصح من وجهين:
أحدهما: أن الظاهر مستقل بنفسه غير مفتقر إلى إضمار؛ لأنه تعالى أخبر بأن الواجب بقتل الصيد الجزاء بمثله من النعم. وهذا كان فيما قلناه.
والوجه الآخر: هو أن الإضمار الذي ذكروه يسقط الظاهر ولا يصح؛ لأنهم إذا جعلوا معناه أن يشترى به مثله من النعم أسقطوا اعتبار المثل في الجزاء، وهو الذي ورد به الظاهر؛ فبطل ما قالوه.

الصفحة 316