كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

فإن قيل: قد ثبت أنه لم يرد بالمثل المماثلة في الجنس علم أن المراد به القيمة [ق/ 178] وأن تلك القيمة تصرف في النعم.
قلنا: هذا يبطل من غير وجه؛ وذلك أنه محتاج إلى ترك الظاهر وإضمار فيه؛ فيكون تقديره: فجزاء مثل ما قتل قيمة تصرف في النعم.
وهذا ما لا سبيل إليه، مع إمكان إجرائه على ظاهره؛ وهو أن يكون الجزاء مثل النعم مماثلا للمقتول في الخلقة والصورة؛ فيستغنى بذلك عن الإضمار.
والوجه الآخر: أن الإضمار إنما يسوغ ما لم يكن مسقطًا لصريح الظاهر. فأما إذا عاد بإسقاط بعضه فلا يصح ذلك؛ مثل قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدة} إذا أضمرنا فيه (فأفطروا).
وقوله عز وجل: {فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففدية} إذا أضمرنا فيه (فخلق).
فإن هذه إضمارات سائغة؛ لأنها لا تعود بإسقاط شيء من الصريح.
فإذا أضمر في اللفظ القيمة -على ما قالوه -سقط بعضه؛ وهو قوله عز وجل: "من النعم"؛ لأن صرف القيمة إلى النعم ليس بشرط في الجزاء عند المخالف، وإنما يفعله المكلف إن اختار.
وأيضًا فإنه تعالى قال: {يحكم به ذوا عدلٍ منكم}، ولابد أن

الصفحة 317