كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

يكون أراد الجميع أو أقرب مذكور، وكيف كان الأمر فيجب أن تكون النعم محكوم بها. وعند المخالف إنه لا يحكم بها؛ فبان بذلك سقوط اعتراضهم.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بالمثل المذكور في الآية القيمة؛ بدلالة قوله عز وجل: {لا تقتلوا الصيد}، وهذا عموم في جنس الصيد -ما لم مثل من النعم وما لا مثل له -وقد ثبت أن ما لا مثل له مضمون بالقيمة؛ فيجب أن يكون ما له مثل مضمونًا أيضًا بالقيمة؛ لأمرين:
أحدهما: أنه إذا ثبت ذلك فيما ذكرنا ثبت في النوع الآخر؛ لامتناع أن يعبر باللفظ الواحد عن معينين مختلفين.
والوجه الآخر: أن القيمة إذا اعتبرت في بعض الصيد صارت كالمنطوق به؛ فانتفى حمل الآية على معنى سواها.
فالجواب عن هذا من وجوه:
أحدهما: إنا لا نسلم قوله عز وجل: {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} عموم في جنس الصيد؛ لأنه قد عقبه بما يدل أن المراد به ما له مثل من النعم؛ فقلنا: إن التحريم إنما يتناول هذا النوع، فأما ما عداه فمعلوم تحرمه من قوله عز وجل: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا}، وقوله

الصفحة 318