كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

تعالى ذكره: {غير محلي الصيد} ومن سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم -، والإجماع، وغير هذا الظاهر من أدلة الشرع؛ فبطل استدلالهم على هذه الطريق.
هذا جواب أكثر شيوخنا المتقدمين؛ مثل القاضي إسماعيل بن إسحاق، والقاضي أبى بكر بن بكير.
والوجه الآخر: وهو أولى من هذا -أنا لا نسلم لهم أن الظاهر عام في جميع الصيد، ولكن بيان الخبر أخص في نوع منه -وهو ما له مثل من النعم -، وهذا غير ممتنع أن يكون أول اللفظ عامًا وآخره خاصًا. وإيجاب الجزاء فيما لا مثل له معقول بغير ذلك من الأدلة.
فأما قولهم أنه إذا ثبت كون ما لا مثل له مضمونًا بالقيمة ثبت مثله فيما له مثل؛ لأن اللفظ الواحد لا يعبر به عن معنيين مختلفين: فعنه جوابان:
أحدهما: أنه لا يسلم أن ذلك مستفاد من الظاهر.
والآخر: أنه لو ثبت لم يمتنع حمل اللفظ على المعنيين المختلفين إذا كانا في حالين، وإنما يمتنع ذلك في حال واحدة. وفي مسألتنا يحمل على حالين وحكمين؛ فلم يمتنع.
فإن قيل: إن إطلاق المثل في الشريعة صار عبارة عن القيمة؛ بدلالة قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، وإذا ثبت ذلك فالاسم إذا تقرر به عرف في الشرع وجب حمله عليه أبدا بما

الصفحة 319