كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وجوبها نفيًا مطلقًا؛ فدل ذلك على ما قلناه.
فإن قيل: رواى هذا الحديث الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف.
قيل له: لم نقل فيه أكثر من أنه مدلس، وهذا لا يسقط حديثه؛ لأن الأعمش وغيره من كبار أصحاب الحديث يدلسون ومع ذلك فلا يترك حديثهم.
فإن قيل: يحتمل أن يكون نفى وجوب العمرة.
قيل له: إن السؤال صدر عن العمرة على حد ما صدر عن الحج، فلما بطل أن يحمل السؤال على ذلك؛ فكذلك في العمرة.
على أن هذا ترك للظاهر؛ فلا يصادر إليه إلا بدليل.
فإن قيل: يحتمل أن يكون السائل سأل عن حال نفسه، وكان قد اعتمر.
قيل له: الظاهر غير هذا؛ لأن السؤال صدر مطلقًا، وكذلك الجواب؛ فلا يجب تقييدهما والاقتصار بهما على صفة دون صفة إلا بدليل.
فإن قيل: يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ولأن تعتمر خير لك"، فلو كان السؤال عنه وعن غيره لكان يقول: ولأن تعتمروا خير لكم.
قيل له: التعلق بهذا ضرب من الانقطاع والعجز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -وفي الجواب حقه، وإنما قصد بهذا القول الإبانة عن فضيلة النافلة أنها وإن لم تكن فرضًا حتمًا ففعلها خير من تركها.

الصفحة 337