كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وإذا صح ذلك فالذي يدل على سقوط وجوبها ما روى أن الأقرع بن حابس قال للنبي -صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرة واحدة؟
فقال صلى الله عليه وسلم: "بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع"؛ فأخبر أنه مرة واحدة؛ فانتفى بذلك ما زاد عليه العمرة وغيرها؛ لأنه نفى بذلك وجوب ما زاد على الحجة الواحدة، والسؤال صدر عن جنس الحج؛ فثبت بذلك ما قلناه.
واستدل من خالفنا بأشياء منها: قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}.
قالوا: إن التعلق من هذه الآية من وجوه
أحدهما: أنه روى أن عبد الله بن مسعود كان يقرؤها: "وأقيموا الحج والعمرة لله"، وهذه القراءة وإن كانت شاذة فإنها تجرى مجرى خبر الواحد؛ فأقل ما يجب أن تكون بمنزلة أن يروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "وأقيموا الحج والعمرة لله".
وقوله: (أقيموا): أمر؛ فهو على الوجوب.
فالجواب: أن هذا ليس بصحيح؛ لأن كل قراءة تخالف المصحف المجمع عليه وما أشهر عن الأئمة فلا يعتد لها، ولا يلتفت إليها، ولا يثبت حكم بها، سيما وما روى عن ابن مسعود وأبى مما يخالف المصحف مما لا يعتد به جميعًا.

الصفحة 342