كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وإذا كان الأمر على هذا وجب إطراحها جملة، وألا تنزل منزلة الخبر الواحد ولا غيره. وإنما يعتد بخبر الواحد إذا ورد مفردًا لا في حكم يقابله إجماع، أو بغير قراءة ثابتة في المصحف المجمع عليه؛ فسقط ما قالوه.
قالوا: والوجه الآخر أنه تعالى قال: {وأتموا الحج والعمرة لله}، واسم الإتمام ينطلق على الابتداء بالشيء وعلى إتمام ما دخل فيه.
فأما دخوله للبناء على ما دخل فيه فإنه بين مستغن عن إقامة دليل عليه.
وأما ما وردوه في الابتداء فبدلالة قوله عز وجل: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قيل: فأتى بهن.
وقول على بن أبى طالب -رضي الله عنه -: إتمامهما: أن تحرم من دويرة أهلك.
وإذا كان كذلك كان الأمر عامًا في الابتداء والبناء.
قالوا: على أنه لو ثبت أن الحقيقة في الإتمام البناء لم يمتنع أن يراد بهذه الدلالة الابتداء؛ بدليل وهو ما روى عن عمر وعلى -رضي الله عنهما -أنهما قالا: إتمامهما أن تحرم من دويرة أهلك.
والصحابي إذا فسر شيئًا من القرآن لم يخل أن يكون فسره من طريق اللغة أو التوقف، فإن كان من حيث اللغة فقد ثبت ما قلناه.
وإن لم يكن من اللغة كان من التوفيق فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: ابتدؤوا

الصفحة 343