كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

الحج والعمرة؛ وذلك يقتضى وجوبهما.
فالجواب أن حقيقة الإتمام في اللغة هو البناء على ما فعل بعضه.
فإذا استعمل بمعنى الابتداء كان ذلك مجازًا واتساعًا، والمجاز يحتاج إلى دليل، وما أوردوه من قول الصحابة رضي الله عنهم لا يوجب كونه حقيقة فيه، لأنه إذا ثبت كونه حقيقة فيما ذكرناه امتنع كونه حقيقة فيما ذكروه.
على أنا لو سلمنا أنه حقيقة لكان الظاهر هو البناء. فأما الابتداء فلا يعقل من ظاهره، وقد صاروا إلى أنه معقول بالدليل، وهو ما روى عن الصحابة رضي الله عنهم. وليس ذلك بدليل؛ لأنه ليس كلامًا يقوله الصحابي في تفسير القرآن لا يكون إلا لغة وتوفيقًا، بل يقوله لأنه يرى الحكم بالقراءتين، والدليل على غير ذلك.
وقد روى عن بعضهم أن ذلك في البناء دون الابتداء، وقاله مجاهد وغيره.
والوجه الآخر: أنا لو سلمنا أن الإتمام هو الإتمام هو البناء لو يمنع ما قلناه؛ لأن ذلك لا يوصل إليه إلا بالابتداء؛ فوجب أن يكون الابتداء واجبًا؛ لأنه مما لا يتم الأمر إلا به، وبذلك احتج ابن عباس في وجوب العمرة.
والجواب: أن موجب هذا الاستدلال يقتضى أن الابتداء غير مقصود با وجوب، وأنه إنما يراد لغيره لا لنفسه. وهو الإتمام؛ لأن هذا سبيل كل ما ورد من هذا الباب إذا لم ينص عن النبي بل فهم الأمر به من الأمر بغيره؛

الصفحة 344