ثانيها: إنه إنما أمر الجمع تعظيمًا لله تعالى، وقد قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن: ثمَّ ما شاء فلان" (¬1)؛ لما في ثمَّ من التراخي بخلاف الواو التي تقتضي التسوية.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] فيه اشتراك الضمير أيضًا، لكن قدره آخرون بأن الله يصلي وملائكته يصلون.
ثالثها: أنه إنما أنكر عليه وقوفه عَلَى: ومن يعصهما. لكن قوله: "قل (¬2): ومن يعص الله ورسوله" يرد ذَلِكَ.
رابعها: أنه - صلى الله عليه وسلم - لَهُ أن يجمع بخلاف غيره.
خامسها: أن الجمع يوهم التسوية من قصده فلهذا منعه، قَالَه ابن عبد السلام.
سادسها: أن كلامه - صلى الله عليه وسلم - جملة واحدة، فيكره (لغة) (¬3) إقامة المضمر مقام (الظاهر) (¬4) بخلاف كلام الخطيب؛ فإنه جملتان. قاله ابن رزين، وبعضهم أجاب بأن المتكلم لا يتوجه تحت خطاب نفسه إِذَا وجهه لغيره.
الخامسة: فيه الحث عَلَى المحبة في الله تعالى والإخلاص فيها.
¬__________
(¬1) رواه أبو داد (4980)، وأحمد 5/ 384 (23265)، والطيالسي 1/ 344 (431)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 340 (26681)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 245 (10821)، والبيهقي 3/ 216 كلهم عن حذيفة، وصححه الألباني في "الصحيحة" (137).
(¬2) من (ف).
(¬3) في (ج): (لغيره).
(¬4) في (ج): (المظهر).