كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 2)

وقولهم: (لسنا كهيئتك يا رسول الله)، قالوه رغبة في الزيادة في الأعمال؛ لما علموا من دأبه فيها مع كثرة ذنوبهم، وغفران ما تقدم لَهُ وما تأخر، (فعند ذَلِكَ) (¬1) غضب - صلى الله عليه وسلم - إذ كان أولى منهم بالعمل؛ لعلمه بما عند الله، (وعظيم) (¬2) خشيته له.
(قَالَ) (¬3) تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ} [فاطر: 28] وقيل: قالوه لما علموا منه من طلب التيسير عليهم وظنهم أنه لا ينجيهم إلا بلوغ الغاية في العبادة.
وفي الحديث جمل من الفوائد والقواعد:
(إحداها) (¬4): ما قررناه من القصد في العبادة وملازمة ما يمكن الدوام عليه والرفق بالأمة، فالدين يسر.
ثانيها: أن الصالح ينبغي لَهُ أن لا يترك (جده) (¬5) في العمل؛ (اعتمادًا) (¬6) على صلاحه.
ثالثها: لَهُ الإخبار بحاله إِذَا دعت إليه حاجة وينبغي أن يحرص عَلَى كتمانها؛ خوف زوالها من (إشاعتها) (¬7).
رابعها: الغضب عند ردِّ أمر الشرع ونفوذ الحكم في حال غضبه.
خامسها: بيان ما كانت عليه الصحابة من الرغبة التامة في الطاعة والزيادة في الخيرات.
¬__________
(¬1) في (ج): فحينذٍ.
(¬2) في (ج): وعظم.
(¬3) ساقطة من (ج).
(¬4) في (ج): أحدها.
(¬5) في (ب): الجد.
(¬6) في (ج): لاعتماده.
(¬7) في (ج): إضاعتها.

الصفحة 576