كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

ثم الحال المعتبرة في كون اسم الفاعل حقيقة هو حال التلبس بالفعل كما قدمنا من التكلم، والإخبار مثلًا، لا حال النطق، كما توهمه بعضهم، وبني على ذلك إشكالًا بالزاني، والسارق، إذ الزاني، والسارق في زماننا بعد انقطاع الوحي يجلد، ويقطع، مع أنه لم يكن حال الخطاب موجودًا.
وأجاب عن هذا الإشكال: بأن النزاع في اسم الفاعل، واشتراط البقاء فيه إنما هو فيما إذا كان محكومًا به، وأما إذا كان محكومًا عليه كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، وقوله {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢]، فهو حقيقة مطلقًا (١)، وهذا كلام من لا تحقيق عنده.
[أما أولًا: فلأن] (٢) الكلام في اللغة هل يشترط بقاء المعنى للإطلاق حقيقة، أم لا؟
ولا ريب في أن كون اللفظ محكومًا عليه، أو محكومًا به لا دخل له في هذا لا نفيًا، ولا إثباتًا.
وأما ثانيًا: فلأن وجوب الحكم في مسألة الزاني والسارق، ليس مبنيًا على أن الصفة في النصين المذكورين وقع محكومًا عليه، وأنه حقيقة مطلقًا، بل لأن الشارع رتب الحكم على الوصف الصالح للعلية، فحيث وجد
---------------
(١) هو الإمام القرافي في شرح تنقيح الفصول: ص / ٤٩ - ٥٠.
(٢) ما بين المعكوفتين سقط من (ب) وأثبت بهامشها.

الصفحة 40