كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

أقول: يجوز نسخ مفهوم المخالفة، مع الأصل اتفاقًا (١)، ويجوز نسخ المفهوم دون الأصل (٢). لا العكس: لأنها تابع ضعيف لا استقلال له بدون الأصل.
وقيل: يجوز لأن رفع الملزوم لا يقتضي رفع اللازم.
والجواب: أن اللزوم هنا ليس عقليًا، كما في الفحوى، ولهذا لم يقل به كثير من العلماء، ولما ذكرنا من الضعف لم يجز النسخ بها عند الجمهور (٣).
قوله: "ونسخ الإنشاء، ولو كان بلفظ الخبر" إلى آخره.
أقول: من قال بجواز النسخ يقول بجوازه في الإنشاء من غير خلاف إذا كان بلفظ الإنشاء.
---------------
(١) كأن ينسخ وجوب الزكاة في السائمة، ونفيه في المعلوفة الدال عليهما في الحديث، الذي سبق ذكره في المفهوم، ثم يرجع الأمر في المعلوفة إلى ما كان قبل، مما دل الدليل العام بعد الشرع من تحريم للفعل إن كان مضرة، أو إباحة له إن كان منفعة، كما يرجع في السائمة إلى ما تقدم في مسألة إذا نسخ الوجوب بقي الجواز.
راجع: المحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٨٤، وهمع الهوامع: ص/ ٢٣٦.
(٢) مثال نسخ مفهوم المخالفة دون أصله ما تقدم من حديث: "إنما الماء من الماء" منسوخ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
مع أن الأصل باق، وهو وجوب الغسل بالإنزال، والمنسوح مفهومه، وهو أنه لا غسل عند عدم الإنزال.
راجع: الإحكام للآمدي: ٢/ ٢٨٦، والمسودة: ص/ ٢٢٢، وفواتح الرحموت: ٢/ ٨٩، وروضة الناظر: ص/ ٨٠ - ٨١، ومختصر الطوفي: ص/ ٨٢، والغيث الهامع: ق (٧٨/ ب)، والآيات البينات: ٣/ ١٥٢، وإرشاد الفحول: ص/ ١٩٤.
(٣) ومذهب الشيخ أبى إسحاق الشيرازي الجواز، بل جعله الصحيح من القولين.
راجع: اللمع: ص/ ٣٣، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٨٤، وهمع الهوامع: ص/ ٢٣٧.

الصفحة 483