كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

وأما أن الأبد قيد للوجوب في المسألة المذكورة، فلا يقيد شيئًا لأن النسخ إنما يتوجه إلى الوجوب الذي هو حكم، لا إلى فعل المكلف، فإذا صح توجيهه إليه، في الزمان المنصوص كالغد مثلًا، ففي غير المنصوص بالطريق الأولى.
قوله: "ونسخ الأخبار بإيجاب الإخبار بنقيضها".
أقول: نسخ الخبر له صورتان: أحدهما: إيقاعه، بأن يكلف الشارع أحدًا بأن يخبر عن شيء مثل: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} إلى آخر السورة [الكافرون: ١ - ٢]، ثم ينسخه.
وهذا يقع على وجهين: إما أن يرفعه مطلقًا، أو يرفعه بأن يكلفه الإخبار بنقيضه، مثل أن يقول له: قل: إن زيدًا قائم، ثم [قل] (١): إنه ليس بقائم، وفي هذا الثاني خلاف المعتزلة بناء على أصلهم الفاسد في الحسن، والقبح: لأن أحدهما كاذب (٢)، وقد علمت فساد مقالتهم (٣).
الثانية: نسخ مدلول الخبر، فإن لم يقبل التغير مثل وجود الباري، وحدوث العالم، فلا يجوز نسخه اتفاقًا (٤).
---------------
(١) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٢) راجع: الإحكام للآمدي: ٢/ ٢٦٥، والمعتمد: ١/ ٣٨٧ - ٣٨٩، وشرح العضد: ٢/ ١٩٥، ومناهج العقول: ٢/ ١٧٦، وفواتح الرحموت: ٢/ ٧٥، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٨٥، والآيات البينات: ٣/ ١٥٤، وتشنيف المسامع: ق (٧٧/ ب)، والغيث الهامع: ق (٧٩/ أ)، وهمع الهوامع: ص/ ٢٣٨، والدرر اللوامع للكمال: ق (١٨٣/ أ).
(٣) تقدم بيان ذلك في أول الكتاب عند الكلام على الحكم: ١/ ٢٢٦ - ٢٢٨.
(٤) لأنه يفضي إلى الكذب حيث يخبر بالشيء، ثم نقيضه، وهذا محال على الله تعالى.
راجع: المسودة: ص/ ١٩٦.

الصفحة 486