كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

قالوا: قال تعالى: / ق (٨٥/ أمن أ) {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦]، والأثقل ليس بخير ولا مثل.
قلنا: خير باعتبار الثواب، إذ الأجر على قدر النصب، كما يختار الطبيب الدواء المر للمريض، مع وجود أطعمة شهية.
قالوا: قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: ١٨٥].
قلنا: في تلك القضية الخاصة، ولو سلم عمومه، فاليسر باعتبار الحساب المبني على كثرة الثواب، وهو بالأثقل أليق.
وعلى الثاني: وهو النسخ بلا بدل، فلأن رعاية المصلحة غير واجبة، كما تقدم، وإن قيل: بها، فلعل المصلحة في عدم البدل.
وأيضًا: لو لم يجز لم يقع، وقد وقع إذ (١) / ق (٨٦/ ب من ب) الصدقة بين يدى النجوى نسخت بلا بدل (٢)، وادخار لحوم
---------------
(١) آخر الورقة (٨٦/ ب من ب).
(٢) لحديث على رضي الله عنه قال: "لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢] قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى دينارًا؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟
قلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنك لزهيد".
قال: فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة: ١٣]، قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه، وذكر الشوكاني أن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبا يعلى، وابن المنذر، والنحاس، وابن مردويه أخرجوه عن علي رضي الله عنه.
راجع: تحفة الأحوذي: ٩/ ١٩٢ - ١٩٤، وجامع البيان: ٢٨/ ١٥، وفتح القدير للشوكاني: ٥/ ١٩١.

الصفحة 490