كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

الأضاحي نسخ بلا بدل، والإمساك عن المباشرة بعد الفطر نسخ بلا بدل (١).
قالوا: قال تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: ١٠٦].
قلنا: ربما كان عدم البدل خيرًا، بل هو الظاهر في التكاليف، وقد أشار المصنف إلى أنه جائز لكنه لم يقع على ما أشار إليه الإمام المحقق الشافعي رضي الله عنه (٢).
والحق: أن الخلف لفظي إذ القائلون بالنسخ بلا بدل لم يريدوا أنه إذا نسخ، ولم يأت من الشارع نص يدل على حكم آخر، يبقى فعل المكلف خاليًا عن أحد الأحكام الخمسة، بل أرادوا أن النسخ يقع على وجهين:
إما أن يثبت بنص من الشارع بدله، كما في نسخ العدة بالحول، بأربعة أشهر وعشرًا، وكما في نسخ الحبس في البيوت إلى الموت في حد الزنى بالرجم (٣).
---------------
(١) يعني ما كان من تحريم مباشرة الصائم أهله ليلًا نسخ بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧].
راجع: أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٢٢٦، والاعتبار للحازمي: ص/ ١٣٨، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ص/ ١٢٢، وفتح القدير للشوكاني: ١/ ١٨٧.
(٢) راجع: الرسالة: ص/ ١٠٩ - ١١٠.
(٣) يعني قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥] نسخت بآية الرجم المنسوخة لفظًا، والباقية حكمًا، وطبق ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجمه ماعزًا، والغامدية، واليهوديين، وقد تقدم ذلك.

الصفحة 491