كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

والشيخ ابن الحاجب أنكره رأسًا قال: "وقول عبد القاهر -في نحو أحياني اكتحالي بطلعتك-: إن المجاز في الإسناد بعيد".
قال المولي المحقق -في شرحه-: "لاتحاد الجهة، فإنه لا فرق في اللغة بين قولنا: سرني رؤيتك، وبين ضرب زيد، ومات عمرو" (١).
والحاصل: أن يجعل الفعل مجازًا عن التسبب العادي، فإذا قلت: صام نهاره معناه: نسبت نهاره للصوم، وإذا قلت: أنبت الربيع البقل: نسبت الربيع لحصول الفعل، وهذا تعسف ظاهر لا حاجة إليه، مع أنه مخالف لعلماء العربية، ولا يستقيم في مثل جَدَّ جِدُّ إذ لا معنى للتسبب هنا.
وإن شئت ضبط الكلام في هذا المقام، قلت: لا شك أن إسناد الفعل إلى شيء يقتضي قيامه به، وإذا أسند إلى غير ما هو له من المصدر، والزمان، والمكان، فلا بد من صرفه عن ظاهره بتأويل إما في المعنى، أو في اللفظ، واللفظ إما المسند، أو المسند إليه، أو الهيئة التركيبية الدالة على الإسناد.
الأول: مذهب الشيخ عبد القاهر، وعليه أطبق علماء البيان (٢)، فالمجاز -عندهم- بحسب الفعل حيث أسند الفعل إلى غير ما يقتضي [الفعل] (٣) إسناده إليه بتأويل.
---------------
(١) راجع: المختصر مع شرح العضد: ١/ ١٥٤، والإيضاح: ١/ ١٠٧.
(٢) راجع: أسرار البلاغة: ص/ ٣٢٢، والإيضاح: ١/ ٩٩، والمحصول: ١ / ق/ ١/ ٤٥٨ - ٤٥٩.
(٣) هكذا في (أ، ب) ولعل الأظهر: "العقل".

الصفحة 70