كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

وأما تحقق الاستعمال، فلا تدعو إليه ضرورة، وكذا وجود الإسناد إلى ما هو له مما لا يحتاج إليه.
وأما تفصيل المصنف بقوله: "والأصح لما عدا المصدر"، ومعناه -على ما نقل (١) عنه-: أن لفظ المشتق كالرحمن مثلًا، وإن لم يستعمل حقيقة قط إذ لا يستعمل في غير الله، واستعماله فيه حقيقة محال (٢)، وهذا
---------------
(١) الناقل هو الجلال المحلي، راجع: المحلي على جمع الجوامع: ١/ ٣٠٦ - ٣٠٧، ورفع الحاجب (١/ ٢٩ / أ - ب).
(٢) بناء على أن لفظ الرحمن مشتق من الرحمة التي هي رقة القلب وانعطافه، وهي لا تتصور في حقه سبحانه وتعالى، ومع هذا لا يستعمل في معناه الحقيقى، أي: في المخلوق الحادث، وأما قولهم: رحمان اليمامة، وقول شاعرهم: وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا. فهذا مُنكَّر، والأول مُعَرَّف بالإضافة، ولم يستعملوا المعرف بالألف واللام، أو يعتبر ذلك من تعنتهم في كفرهم، وهو مردود لغة، وعرفًا، وشرعًا، مع أنهم لم يريدوا منه الانعطاف، ورقة القلب.
قلت: هذا بناء على مذهب الأشاعرة الذين يؤولون مثل هذه الصفة.
والقول الذي لا مرية فيه: أن لفظ "الرحمن" اسم كريم من أسماء الله الحسنى دال على اتصافه تعالى بصفة الرحمة، وهي صفة حقيقية تليق بجلاله، فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، فنؤمن. مما أخبر به عن نفسه، ذاتًا، وصفة حقيقة لا مجازًا بدون تأويل ولا تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].
راجع: شرح العقيدة الواسطية: ص / ٢٠ - ٢١، ومجموع الفتاوى: ٥/ ٢٥٠، وشرح العضد وحواشيه: ١/ ١٥٥، وهمع الهوامع: ص / ١٠٤.

الصفحة 74