كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 2)
لنا - على وقوعه في القرآن -: "قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أي أهل القرية، فهو مجاز بالنقصان: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] إذ ليس الواقع جزاء سيئة حقيقة، وقوله: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ٤]، وقوله: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسراء: ٢٤].
قالوا - أولًا -: لو وقع يلزم الكذب: لأنه يصدق نفيه، فلا يصدق هو، وإلا يلزم الإثبات، والنفي معًا.
قلنا: محل الحكم مختلِف إذ النفى للحقيقة، والإثبات للمجاز، فلا محذور.
قالوا - ثانيًا -: يكون البارى متجوزًا، ولا يطلق (١) عليه.
قلنا: عدم الإطلاق: لعدم الإذن لا لعدم الصحة لغة، والكلام فيه.
ولما كانت الحقيقة أصلًا، والمجاز فرعًا، فلا يعدل من الأصل إلى الفرع إلَّا لنكتة يعتد بها، وهي: إما كون الحقيقة أثقل على اللسان من لفظ المجاز كالخنفقيق للداهية، أو كون لفظ الحقيقة كريهًا في السمع، فيعدل إلى المجاز، كالغائط أصله المكان [المنخفض] (٢) أطلق مجازًا على قضاء الحاجة،
---------------
(١) آخر الورقة (٤٢ / ب من ب).
(٢) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.