كتاب إعراب القرآن وبيانه (اسم الجزء: 2)

وهل حرف استفهام إنكاري وتنقمون فعل مضارع والواو فاعل، ومنا متعلقان بتنقمون، وإلا أداة حصر، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مفعول تنقمون، وقيل المصدر منصوب على أنه مفعول لأجله، والمفعول به محذوف، والأول أرجح، وبالله متعلقان بآمنا، والمعنى ما تكرهون منا إلا الإيمان أو لا تسخطون علينا إلا لأجل إيماننا (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ) عطف على المصدر المؤول، وجملة أنزل صلة الموصول، وإلينا متعلقان بأنزل، و «ما» الثانية عطف على «ما» الأولى، وجملة أنزل صلة الموصول، ومن قبل جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) الواو عاطفة، وقرأ الجمهور بفتح «أن» فهي في تأويل مصدر محله الرفع على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: وفسقكم ثابت معلوم عندكم، لأنكم علمتم أننا على الحق، وأنكم على الباطل، فإن عنصريتكم وحبكم للرئاسة وجمع الأموال أهاب بكم الى ركوب هذا المركب الخشن. ويحتمل أن يكون محل المصدر النصب عطفا على «أن آمنا» ، والمعنى: وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا وبين تمردكم وخروجكم عن الإيمان. أو تكون الواو للمعية، ويكون المصدر المؤول مفعول معه، والتقدير:
وما تنقمون منا إلا الإيمان مع أن أكثركم فاسقون. ويحتمل أن يكون محله الجر عطفا على الله، أي: وما تنقمون منا إلا الإيمان بالله، وبما أنزل، وبأن أكثركم فاسقون.

البلاغة:
في هذه الآية فن طريف، وهو توكيد المدح بما يشبه الذم.
وهو فنّ ذائع الشهرة، ولكنه قليل الأمثلة. ولم أجد منه في القرآن إلا هذه الآية، فإن الاستثناء بعد الاستفهام الجاري مجرى التوبيخ

الصفحة 511