كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

به، وهذه الدعوى لا تصحُّ في كل مكان، وصاحبُها مطالَبٌ بالدليل عليها، ولا يُمكِنُ أن يُدَّعَى أنَّ (¬1) البدويَّ نقلَ لفظَ البيتِ إلى بيت الشَّعر، حتى صار إطلاقُه على يت المَدَرِ مهجورًا؛ كهجران لفظ الغائطِ بالنسبة إلى المُطْمَئِنِّ من الأرض، ولا أيضًا نقل القروي (¬2) لفظ البيت إلى بيت المَدَرِ، حتى صار إطلاقُه على بيت الشعر مهجورًا، والأغلب إرادة كلِّ واحدٍ منهما ما اعتاده وأَلِفَهُ، فانصرافُ اللفظِ إليه بالغلبةِ في الإرادة.
وقد قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] فأطلق لفظَ البيوت على المساجد، وهو إطلاقٌ عُرْفي في زمن نزول الآية، فإن ادعى أن النقلَ العرفي إنما حدث بعد ذلك؛ أي: بعد نزول الآية، فقد أبعد، وأقلُّ ما يُدفَعُ به [قولهُ] (¬3): أن (¬4) الأصلَ عدمُ التغيير بعد الإطلاق عند نزول الآية، والناس يقولون: الكعبة والمسجد (¬5) بيت الله، إلى الآن، والله أعلم.

السادسة والسبعون: وطريقُ الاستدلالِ في مسائل الأيمان التي من هذا الجنس بردِّها إلى الحديث، أنْ يقالَ: لو لم يُحْمَلْ
¬__________
(¬1) في الأصل: "يدعي"، والمثبت من "ت".
(¬2) في الأصل و"ب": "القروي نقل"، والمثبت من "ت".
(¬3) سقط من "ت".
(¬4) "ت": "بأن".
(¬5) "ت": "للمسجد والكعبة".

الصفحة 108