كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

للفظ مع عدم حضور نية التخصيص، وهذا المعنى موجودٌ في قوله: "يرحمك الله"، فإنه محتمِلٌ، ولا نيةَ تخصيصٍ، وقد حُمِلَ على الدُّعاء الذي يقتضي اللفظُ اعتبارَه، وفيه البحث في النقل العرفي وغيرِه.
الطريق الثاني: لو لم يَعتبر البساطَ، لكان المانعُ عدمَ حضور نية التخصيص، ووجوب حمل اللفظ على الوضع حينئذٍ، لكن ذلك غير مانع؛ لأنه لو كان مانعًا لَمَا حُمِلَ قوله: "يرحمك الله" على الدعاء؛ لاحتماله للخبر، وعدمِ حضور نية التخصيص.

التاسعة والسبعون: هذا التشميت للعاطس من حكمته حصولُ المودَّةِ والمؤالفةِ بين المسلمين، وهي قاعدةٌ لا يحصى ما دلّ عليها من الشرع؛ "لا تحاسَدُوا، ولا تباغَضُوا" (¬1)، "لا تختلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكُمْ" (¬2)، "لا يَحِلُّ لمسلِمٍ أن يهجُرَ أخاه" (¬3)، "عودُوا المريِضَ وأجيبوا
¬__________
(¬1) رواه البخاري (5717)، كتاب: الأدب، باب: ما ينهى عن التحاسد والتدابر، ومسلم (2563)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظن، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬2) رواه مسلم (432)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها، من حديث أبي مسعود - رضي الله عنه -.
(¬3) رواه البخاري (5718)، كتاب: الأدب، باب: ما ينهى عن التحاسد والتدابر، ومسلم (2559)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

الصفحة 114