كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

طاعة، وذَكَر قَولَه - صلى الله عليه وسلم -: "واللهِ لأغزونَّ قريشًا" (¬1) مستدِلًا به على أنَّ اليمين لا تُكْرِهُ على الطَّاعَةِ؛ [كبَيعة الجهاد] (¬2).
قال: ويُستثنى أيضًا اليمينُ الواقعةُ في الدَّعاوى إذا كَانتْ صَادِقةً فإنها لا تُكْرِه (¬3).
وهذا الذي ذكره في كراهة الأَيْمان على الإطلاق وردَ فيه حديثٌ يخالفُه، ذُكِرَ فيه: "فإنَّ الله يُحب أن يُحْلَف بِه" (¬4)، فإنْ صحَّ، أو كان بمثابةِ ما يَسْتَدِلُ به الفُقهاءُ، لَزِمَ القولُ بخلافه؛ إمَّا في نَفْس الأمر، أو إلْزَامًا لَهُمْ.

السَّادسة والثَّمانون: إذا كانتِ اليمينُ على فِعْلِ واجبٍ أو تركِ مُحرَّمٍ، فهي يمينٌ بَرّ [ةٌ] غيرُ محرَّمَةٍ، ونصَّ بعضُ فقهاءِ الشَّافعيَّة على أنَّها طاعةٌ (¬5)، وفيه بحثٌ؛ لأنَّ الطَّاعةَ امتثالُ الأمرِ، فيلزَمُ مِنْ كونِها
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (3285)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: الاستثناء في اليمين بعد السكوت، وابن حبان في "صحيحه" (4343)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وقد رجح الأئمة إرساله. انظر: "الدراية" لابن حجر - (2/ 92 - 93).
(¬2) زيادة من "ت".
(¬3) انظر: "روضهّ الطالبين" للنووي (11/ 20).
(¬4) رواه أبو نعيم فى "حلية الأولياء" (7/ 267)، والديلمي في "مسند الفردوس" (333)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وإسناده ضعيف. انظر: "فيض القدير" للمناوي (1/ 200).
(¬5) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (11/ 20).

الصفحة 121