كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

ولكن النَّظر في كونها مستحبّهً أو طاعةً، وفيه ما قدَّمناه من البحث، وأنّ مقتضى كونِه طاعةً أن يتقدَّمَ الأمرُ بها، ومقتضى ذلك: أنْ يكونَ الإنسانُ مندوبًا إلى أن يحلفَ على فعلِ المستحبَّاتِ [أو ما في] (¬1) معناها، وفي هذا بُعدٌ، إلاّ أنْ يعرضَ ما يقتضي تركَها وتكون اليمين مقرِّبَة لفعلها، فحينئذٍ يتَّجه القولُ باستحبابِ اليمينِ؛ لما فيها من الحثِّ على فعلِ الطاعةِ.

التاسعة والثمانون: حَلَفَ على فعلِ مكروهٍ، فاليمينُ مكروهةٌ؛ لأنَّها وسيلةٌ إلى فعلِ المكروهِ، والتوسُّلُ إلى المكروهِ مكروهٌ، وهذا ظاهر.
التُّسعون: هذهِ الأقسامُ التي ذكرناها في حُكْمِ الأيمان على تَقْدِيرِ أنْ يُحْمَلَ إبرارُ القَسَمِ على أن يكون ذا بِرّ، فإن تعيَّن (¬2) ذلك، فالطاهرُ أنَّ المرادَ طلبُ أنْ تكونَ اليمينُ حاصلًا فيها البرُّ؛ أي: موجودًا، وقد يراد به: أنّه لا إثمَ فيها، وهو أعمُّ من الأوَّلِ، فإنَّ عَدمَ الإثمِ أعمّ من وجودِ البرِّ.
وإذا حملنا الأمرَ على الوجوبِ، فيصيرُ التَّقديرُ: أنَّه يجبُ أن تكونَ اليمين برَّةً؛ أي: طاعةً، فيتعيَّنُ حينئذٍ التّخصيصُ؛ لأنَّ ذلك
¬__________
(¬1) زيادة من "ت".
(¬2) "ت": "صحّ".

الصفحة 123