كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

الثامنة بعد المئة: نذرُ اللَّجاجِ والغضبِ، وهو ما يُقصَدُ به حثٌّ على فعلِ أو منعِ منه، فيه عند الشافعية - رحمهم الله - أقوالٌ: وجوبُ الوفاء بما التزم، وكفارةُ يمين، والتخييرُ بينهما (¬1)، ومذهب مالك هو الأول (¬2).
وهذا القدر قد يطلق عليه يمين اللَّجاج، والغضب، ويمين الغَلَق، فقد يجري هذا الإطلاقُ على ظاهره، ويُستدلُّ على وجوب الوفاء بالحديث المذكور، وهذا لا يصحُّ؛ لأن إطلاقَ اليمين عليه مجاز من مجاز التشبيه؛ لأنَّ هذا النذرَ يشبهُ اليمينَ من حيث إنَّ مقصودَه الحثُّ أو المنعُ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفّارةُ النَّذر كفَّارةُ اليمين" (¬3)، أو "كفارةُ نذرٍ كفارةُ يمينٍ" (¬4)، لا يلزمُ منه أن يكونَ يمينًا، وإنما فيه تنزيلُهُ منزلةَ اليمينِ في الكفارة.
¬__________
(¬1) الأصح عندهم: التخيير بين ما التزم وكفارة اليمين. انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (8/ 350 - 351).
(¬2) انظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (3/ 229).
(¬3) رواه مسلم (1645)، كتاب: النذر، باب: في كفارة النذر، من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
(¬4) رواه أبو داود (3290)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، والنسائي (3835)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: كفارة النذر، والترمذي (1524)، كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نذر في معصية، وابن ماجه (2125)، كتاب: الكفارات، باب: النذر في معصية، من حديث عائشة رضي الله عنها، بلفظ: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة اليمين".

الصفحة 135