كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

من الأولِ، فقد يُشعر بتَكرار العيادة، وإن أُخِذَ من الثَّاني بعد نَقْلِهِ نقلًا عُرْفِيًّا إلى الطَّريق، لم يدلَّ على ذلك.
وثالثها: قال أبو القاسمِ الحسينُ بنُ محمدِ بنِ المفَضلِ الرَّاغبُ الأصبهانيُّ: المَرَضُ: الخروجُ عنْ الاعتدالِ الخاصِّ بالإنسان وذلك ضربان:
[الأول]: مَرَضٌ جِسْمِيٌّ، وهو المذكور في قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: 61] {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى} [التوبة: 91].
والثاني: عبارةٌ عن الرَّذائل؛ كالجهلِ، والجبنِ، والبخلِ، والنِّفاقِ، ونحوها من الرَّذائلِ الخُلُقيةِ.
قلتُ: الحقيقةُ هو المرضُ الجِسميُّ، وأما مرضُ القلوبِ فمجازٌ، وهو مجازُ التَّشبيهِ.
قال الرَّاغبُ: ويُشَبَّه النِّفاقُ والكفرُ ونحوُهما من الرذائلِ بالمرضِ؛ إمَّا لكونها مانعةً من إدراكِ الفضائلِ، كالمرضِ المانعِ للبدنِ عنِ التَّصرُّفِ - الكاملِ، وإما لكونها مانعةً عن تحصيلِ الحياةِ الأُخروَّيةِ المذكورة في - قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64]، وإمَّا لميلِ النَّفسِ عن الاعتقاداتِ (¬1) الرَّدية ميلَ البدنِ المريض إلى الأشياءِ المُضرَّة.
قال: ويكون هذه الأشياء مُتَصوَّرَةً بصورةِ المرضِ (¬2) قيل: دَوِيَ
¬__________
(¬1) في المطبوع من "مفردات القرآن": "وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات".
(¬2) في الأصل "المريض"، والمثبت من "ت".

الصفحة 15