كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد تعدَّدت صيغةُ الأمرِ في لفظِه بالنَّسبة إلى [بعض] (¬1) هذه الأمور [دون بعض] (¬2)، فأمرَ ببعضها بصيغةٍ مفرَدَةٍ له، وأمر بأُخرَ بصيغةٍ مفردةٍ، وأرادَ بإحداهما الوجوبَ، وبالأخرى النَّدبَ، فلا يلزم في لفظه - صَلَّى الله عليه وسلم - أن يكونَ لفظاً واحداً استُعمِلَ في حقيقتِهِ ومجازه (¬3).
وأمَّا لفظُ الراوي، وهو قوله: "أمرنا"، فهل يكون مستعملاً للفظِ في حقيقتِه ومجازِه؟ فيه نظرٌ دقيق عندي، فيُلْمَح ها هنا ما قيل في علم الأصول: أنَّ مدلولَ اللفظِ قد يكونُ لف ظًا، ومذهبُ من يرى أنَّ الأمرَ حقيقة في الوجوب (¬4)، مع أن بعضَ هذه الأوامرِ للوجوب جَزْماً، وتأمَّلْ [في] (¬5) ذلك.

السَّادسة: ومما يترتَّب على ذلك أيضاً أنه قال: "وعن الحريرِ والإستبرقِ والدّيباج"، ولقائلٍ أَنْ يسألَ ويقول: ما الفائدةُ في التكّرارِ وكلُّه حريرٌ؟
فيقال فيه: إنَّما يكونُ تَكراراً لو كانَ إخباراً عن الجمع، بمعنى: أنه أخبر عن الرسول - صَلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن هذه الثلاثةِ في وقتٍ واحدٍ،
¬__________
(¬1) زيادة من "ت".
(¬2) زيادة من "ت".
(¬3) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (2/ 399)، (3/ 259).
(¬4) انظر: "الأحكام" للآمدي (2/ 162)، و"الإبهاج" للسبكي (2/ 5).
(¬5) زيادة من "ت".

الصفحة 41