كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

الرابعة والعشرون: هو عامٌّ بالنسبة إلى المرضى، فيدخلُ فيه المسلمُ والكافرُ؛ فأمَّا الجوازُ في حقِّ الكافر: فثابتٌ بعيادة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عمَّه أبا طالب (¬1)، وعيادتِه - صلى الله عليه وسلم - الغلامَ اليهوديَّ الَّذي [أَسلم] (¬2) بحضرته (¬3).
وأما الوجوب: فإنَّ الظاهريَّ أسقطه في حقّ الكافر، وقال: إنَّ عيادَته فعل حسن (¬4). فإنْ أَخَذَهُ من مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حقُّ المسلمِ على المسلم"، وأنَّ مفهومه: أنَّ غيرَ المسلم ليس كذلك، فهو لا يقولُ بالمفهوم، وكان يَلْزمُه أن يأخذ بحديث البراء في عموم عيادة المريض؛ لأنهّ زائدٌ على ما في ذلك الحديث.
وأما من يرى الاستحبابَ فيقول بالمفهوم، فيقول: هاهنا مفهومُ صفةٍ، فيقتضي نفيَ الحكم عمّا عدا محلِّها، لا سيَّما مع ما دلَّ الشرعُ عليه من (¬5) المنافاة بين المسلمِ والكافرِ، وانقطاعِ الوصلة، وعيادةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه والغلامِ اليهودي الَّذي كان يخدمُه لا عمومَ فيها؛ لأنها
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4398)، كتاب: التفسير، باب: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113]، من حديث سعيد بن المسيب، عن أبيه.
(¬2) زيادة من "ت".
(¬3) رواه البخاري (5333)، كتاب: المرضى، باب: عيادة المشرك، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(¬4) انظر: "المحلى" لابن حزم (5/ 173).
(¬5) "ت": "في".

الصفحة 65