كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 2)

روى سليمانُ التَّيميُّ، عن أنس قال: عَطَسَ رجلان عندَ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فشمَّتَ أحدَهما، [وتركَ الآخَرَ، قال: فقلت: يا رسولَ اللهِ!
رجلان عَطَسَا فشمَّتَّ أحدَهُمَا!] (¬1) - قال بعضُ الرواة: فشمتَّ أحدَهما، وتركتَ آخر - قال: "إنَّ هذا حَمِدَ الله، وإنَّ هذا لم يحمَدْ" (¬2).
وهذا دليل على سقوطِ التشميتِ لمن لم يحمدِ اللهَ، وهو مخصِّصٌ للعموم الَّذي في الحديث، والله أعلم (¬3).

السابعة والخمسون: إذا ثبت أنَّ التشميتَ مشروطٌ بالحمد، فإنْ سَمِعَهُ فقد حصَلَ الشرطُ، وإن لم يسمعْهُ؛ فإنّ مالكًا - رحمه الله تعالى - يذهبُ إلى أنه لا يشمّته حتى يَسْمَعَهُ يحمدُ اللهَ تعالى (¬4)، قيل له: فإنَّه ربَّما كانت الحلقةُ كثيرةَ الأهلِ فأسمعُ القومَ يشمتونه، قال: إذا سمعتَ الذين يشمّتونه فشمّتْهُ.
وهذا اكتفاءٌ بالدليل على الحمد عن السماعِ له من العاطس،
¬__________
(¬1) سقط من "ت".
(¬2) رواه البخاري (5867)، كتاب: الأدب، باب؛ الحمد للعاطس، ومسلم (2991)، كتاب: الزهد والرقائق، باب: تشميت العاطس وكراهة التثاؤب.
(¬3) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (8/ 543)، و"المفهم" للقرطبي (6/ 623).
(¬4) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (10/ 201).

الصفحة 93