كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 2)

به، ثم ذهبت لأصنع معاذيرى لما كان من خلافى على الحجّاج مع عبد الرحمن بن محمد الأشعث فقال: مه! فإنا لا نحتاج إلى هذا المنطق، ولا تراه منّا فى قول ولا فعل حتى تفارقنا. ثم أقبل عليّ فقال: ما تقول فى النابغة؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد فضّله عمر بن الخطاب/ فى غير موطن على جميع الشعراء، وذلك أنّه خرج يوما وببابه وفد غطفان، فقال: يا معاشر غطفان، أىّ شعرائكم الّذي يقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة … وليس وراء الله للمرء مذهب (¬1)
لئن كنت قد بلّغت عنّى خيانة … لمبلغك الواشى أغشّ وأكذب
ولست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث، أىّ الرّجال المهذّب!
قالوا: النابغة، قال: فأيّكم الّذي يقول:
فإنك كاللّيل الّذي هو مدركى … وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (¬2)
خطاطيف حجن فى حبال متينة … تمدّ بها أيد إليك نوازع (¬3)
قالوا: النابغة، قال: أيّكم الّذي يقول:
إلى ابن محرّق أعملت نفسى … وراحلتى وقد هدت العيون (¬4)
أتيتك عاريا خلقا ثيابى … على خوف تظنّ بى الظّنون
فألفيت الأمانة لم تخنها … كذلك كان نوح لا يخون
قالوا: النابغة، قال: هذا أشعر شعرائكم.
¬__________
(¬1) ديوانه 13 - 12، وفى م بعد هذا البيت:
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة … ترى كلّ ملك دونها يتذبذب
لأنّك شمس والملوك كواكب … إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
ولم يذكر البيتان فى الأصول المخطوطة.
(¬2) ديوانه: 55.
(¬3) خطاطيف: جمع خطاف، وهو ما يخرج به الدلو من البئر. وحجن:
معوجة، واحدها أحجن. ونوازع: جواذب.
(¬4) أصله: «هدأت»، بالهمز.

الصفحة 17