كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 2)
وينبغى أن يجتنب فى المديح ما يتطيّر به؛ كقوله (¬1) [من الرجز]:
موعد أحبابك بالفرقة غد
وأحسنه ما يناسب المقصود، ويسمى: براعة الاستهلال؛ كقوله فى التهنئة [من البسيط]:
بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا
وقوله فى المرثيّة (الساوى) [من الوافر]:
هى الدّنيا تقول بملء فيها … حذار حذار من بطشى وفتكى
وثانيها: التخلّص ممّا شيب الكلام به من نسيب أو غيره إلى المقصود،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(و) يجب فى علم البديع على المتكلم (أن يتجنب فى المديح ما قد يتطير به كقوله) أى قول ابن مقاتل الضرير، وينشد الداعى العلوى:
موعد أحبابك بالفرقة غد
فقال الداعى: موعد أحبابك يا ضرير، ولك المثل السوء (وأحسن الابتداء، ما ناسب المقصود) بتضمينه شيئا فى معنى ما سيق الكلام لأجله؛ ليكون دالا عليه (ويسمى) ذلك (براعة الاستهلال) أى فضيلته (كقوله) أى أبى محمد الخازن يهنئ ابن عباد بمولود لبنته:
بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا (¬2)
وكقول أبى الفرج الساوى فى المرثية:
هى الدنيا تقول بملء فيها … حذار حذار من بطشى وفتكى (¬3)
(وثانيها التخلص مما شبب الكلام به) مما هو غير المقصود (من تشبيب، أو غيره إلى المقصود)، والتشبيب فى البديع أن يمهد قبل الشروع فى المقصود، ما يمهده من التغزل قبل المدح، أو التثبيت على الخطاب الهائل تلطفا، أو التنبيه على السماع
¬__________
(¬1) أنشده ابن مقاتل لمحمد بن زيد الحسينى الداعى العلوى صاحب طبرستان فقال له الداعى: بل موعد أحبابك ولك المثل السوء. انظر شرح عقود الجمان (2/ 195).
(¬2) البيت لمحمد بن الخازن يهنئ الصاحب بولد لبنته والشطر الثانى منه: وكوكب المجد فى أفق العلا صمدا. انظر شرح عقود الجمان (2/ 195).
(¬3) البيت لأبى الفرج الساوى، انظر عقود الجمان (2/ 196).