كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(فى وضوح الدلالة) ليس المراد وخفائها، بل الخفاء ليس بمراد، إنما الكلام فى طرق واضحة، بعضها أوضح من بعض، غير أنه يصدق على ما ليس أوضح، أنه خفى بالنسبة إلى الأوضح؛ فلذلك قال السكاكى: الوضوح والخفاء، وإنما يريد ما ذكرناه، بدليل قوله قبل ذلك: فى وضوح الدلالة عليه والنقصان، ويدل له أن ما ليس بواضح أصلا، ليس طريقا بليغا، فلا يكون مقاما بيانيا ولا فصيحا.
الثالث: أورد أيضا علم الإعراب، فإنه كذلك فالحد غير مانع. وجوابه أنه خرج بقوله:
(المعنى) إنما علم الإعراب يعرف به إيراد اللفظ، والمعنى تبع له، ثم بقوله:
(بطرق مختلفة) فإن ذلك لا يطرد فى الإعراب. ولما ذكر السكاكى هذا الحد، ذكر عقبه: ليحترز بالوقوف على ذلك عن الخطأ فى مطابقة الكلام لتمام المراد منه.
وقال الترمذى: إنه يخرج به علم الإعراب. وقال الكاشى: إنه لا يحترز به عن شئ وعلم الإعراب لا يرد؛ لأنه أحال هذا الحد على حد المعانى الذى ذكر فيه لفظ التتبع، وهو غير حاصل للعرب؛ فإنهم يتكلمون بطباعهم.
(قلت): وهذا الجواب لا يصح؛ لأن النحاة يتتبعون تلك التراكيب. ثم لو صح لما كان جوابا عن المصنف؛ لأنه لم يرتض ذلك الحد، فحينئذ لعل الجواب ما ذكرناه.
الرابع: قال جماعة كثيرة منهم السكاكى: هذا العلم أخص من علم المعانى، وأن هذا بمنزلة المركب، وذلك بمنزلة المفرد. وفيه نظر من وجوه، منها: أن الأعم موجود فى ضمن الأخص، فيلزم أن يذكر علم المعانى فى علم البيان، وليس الأمر كذلك.
فإن قالوا: إن معرفته متوقفة على معرفة علم المعانى، فبينهما حينئذ تلازم لا أن أحدهما جزء الآخر. ثم لا نسلم أن علم البيان يتوقف على معرفة علم المعانى؛ لجواز أن يعلم الإنسان حقيقة التشبيه والكناية والاستعارة، وغير ذلك من علم البيان، ولا يعلم تطبيق الكلام على مقتضى الحال. فليس علم المعانى جزءا من البيان، ولا لازما له.

الصفحة 6