كتاب البهجة في شرح التحفة (اسم الجزء: 2)

بمشورته وَلَا يتكل على من لَا يعرف الْأَحْكَام أَو يعرفهَا ويتساهل فِي الْعَمَل بمقتضاها اه. وَفِي القباب: لَا يجوز للْإنْسَان أَن يجلس فِي السُّوق حَتَّى يتَعَلَّم أَحْكَام البيع وَالشِّرَاء فَإِن علم ذَلِك حِينَئِذٍ فرض وَاجِب عَلَيْهِ، وَلَا يجوز أَن يُعْطي قراضا لمن لَا يعرف أَحْكَامه، وَلَا أَن يُوكل الذِّمِّيّ على البيع وَنَحْوه. وَلَا أَن يُشَارِكهُ إِلَّا إِذا لم يغب عَنهُ. وَالْبيع لُغَة مصدر بَاعَ الشَّيْء إِذا أخرجه عَن ملكه بعوض أَو أدخلهُ فِيهِ فَهُوَ من أَسمَاء الأضداد يُطلق على البيع وَالشِّرَاء كالقرء يُطلق على الْحيض وَالطُّهْر، لَكِن لُغَة قُرَيْش كَمَا للزناتي فِي شرح الرسَالَة اسْتِعْمَال بَاعَ إِذا أخرج وَاشْترى إِذا أَدخل. قَالَ: وَهِي أفْصح. وعَلى ذَلِك اصْطلحَ الْعلمَاء تَقْرِيبًا للفهم. وَقَالَ الْجُزُولِيّ فِي شرح الرسَالَة: إِن كل وَاحِد من المتعاوضين بَائِع لما خرج من يَده مُشْتَر لما أَخذ من يَد غَيره، واصطلح الْفُقَهَاء أَن آخذ الْعِوَض يُسمى مُشْتَريا وآخذ الْعين يَعْنِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم يُسمى بَائِعا اه. قَالَ ابْن عبد السَّلَام: وَمَعْرِفَة حَقِيقَته ضَرُورِيَّة حَتَّى للصبيان أَي: وَمَا كَانَ كَذَلِك لَا يحْتَاج إِلَى تَعْرِيف إِذْ إِنَّمَا يحْتَاج للتعريف الْأُمُور النظرية. ورده ابْن عَرَفَة بِأَن الْمَعْلُوم ضَرُورَة هُوَ وجوده عِنْد وُقُوعه لِكَثْرَة تكرره وَلَا يلْزم مِنْهُ علم حَقِيقَته ثمَّ قسمه إِلَى أَعم وَإِلَى أخص فَقَالَ: البيع الْأَعَمّ عقد مُعَاوضَة على غير مَنَافِع وَلَا مُتْعَة لَذَّة فَتخرج الْإِجَارَة والكراء وَالنِّكَاح وَتدْخل هبة الثَّوَاب وَالصرْف والمراطلة وَالسّلم ثمَّ قَالَ: وَالْغَالِب عرفا أخص مِنْهُ بِزِيَادَة ذُو مكايسة أحد عوضيه غير ذهب وَلَا فضَّة معِين غير الْعين فِيهِ فَتخرج الْأَرْبَعَة اه. وَقَوله: وَلَا يلْزم مِنْهُ علم حَقِيقَته الخ. قد يُقَال: يلْزم من وجود الْحَقِيقَة وتكرر وُقُوعه بَين يَدَيْهِ علمهَا فَتَأَمّله. وَلما ذكر الْبُرْزُليّ حد ابْن عَرَفَة واعتراضه على ابْن عبد السَّلَام وعَلى من عرفه بِأَنَّهُ دفع عوض فِي عوض، وَبِأَنَّهُ نقل الْملك بعوض قَالَ مَا نَصه: ظَاهر هَذِه الاعتراضات تدل على طلب علم حَقِيقَة الشَّيْء وماهيته فِي هَذَا الْبَاب وَغَيره مَعَ أَن حقائق الْأَشْيَاء لَا يعلمهَا إِلَّا الله فَهُوَ الْمُحِيط بهَا من جَمِيع الْجِهَات فَهُوَ الْعَالم بِمَا يصلحها وَالْمَطْلُوب فِي معرفَة الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة وَغَيرهَا إِنَّمَا هُوَ تمييزها من حَيْثُ الْجُمْلَة عَمَّا يشاركها فِي بعض حقائقها حَتَّى يخرج مِنْهَا مَا يسري إِلَى النَّفس دُخُوله مثل أَن يُقَال: مَا الانسان؟ فَيُقَال: منتصب الْقَامَة فَيحصل لَهُ تَمْيِيزه عَن بَقِيَّة الْحَيَوَانَات الَّتِي يسْرع إِلَى النَّفس دُخُولهَا فِي الْإِنْسَان لَا عَن كل حَقِيقَة لِأَنَّهُ يدْخل فِيهِ الْحَائِط والعمود وكل منتصب الْقَامَة، لَكِن لما كَانَ غير مَقْصُود بِهَذَا الْكَلَام وَلم يَقع الِاحْتِرَاز مِنْهُ. قَالَ بعض حذاق المنطقيين: وَهَذَا الْمَعْنى كثيرا مَا يَقع من حكماء

الصفحة 4