كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 2)
[فَصْلُ إذَا رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ بِإِعْطَاءِ الْمُسِنَّةِ عَنْ التَّبِيعِ وَالتَّبِيعَيْنِ عَنْ الْمُسِنَّةِ أَوْ أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْهَا سِنًّا عَنْهَا]
(١٧٠٩) فَصْلٌ: وَإِذَا رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ بِإِعْطَاءِ الْمُسِنَّةِ عَنْ التَّبِيعِ، وَالتَّبِيعَيْنِ عَنْ الْمُسِنَّةِ، أَوْ أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْهَا سِنًّا عَنْهَا، جَازَ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِيهَا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ.
[فَصْلُ لَا يُخْرَجُ الذَّكَرُ فِي الزَّكَاةَ]
(١٧١٠) فَصْلٌ: وَلَا يُخْرَجُ الذَّكَرُ فِي الزَّكَاةِ أَصْلًا إلَّا فِي الْبَقَرِ، فَإِنَّ ابْنَ اللَّبُونِ لَيْسَ بِأَصْلٍ، إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ ابْنَةِ مَخَاضٍ، وَلِهَذَا لَا يُجْزِئُ مَعَ وُجُودِهَا، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الذَّكَرُ فِي الْبَقَرِ عَنْ الثَّلَاثِينَ، وَمَا تَكَرَّرَ مِنْهَا، كَالسِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ، وَمَا تَرَكَّبَ مِنْ الثَّلَاثِينَ وَغَيْرِهَا، كَالسَّبْعِينَ، فِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، وَالْمِائَةُ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ. وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ مَكَانَ الذُّكُورِ إنَاثًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِهِمَا جَمِيعًا، فَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ وَمَا تَكَرَّرَ مِنْهَا كَالثَّمَانِينَ، فَلَا يُجْزِئُ فِي فَرْضِهَا إلَّا الْإِنَاثُ، إلَّا أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْمُسِنَّةِ تَبِيعِينَ، فَيَجُوزُ.
وَإِذَا بَلَغْت الْبَقَرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ، اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ جَمِيعًا، فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ إخْرَاجِ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ، وَالْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا، أَيَّهُمَا شَاءَ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ، وَالْخِيَرَةُ فِي الْإِخْرَاجِ إلَى رَبِّ الْمَالِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ فِيهَا إنَاثٌ، فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا، أَجْزَأَ الذَّكَرُ فِيهَا بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ، فَلَا يُكَلَّفُ الْمُوَاسَاةَ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا إنَاثٌ فِي الْأَرْبَعِينِيَّات؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى الْمُسِنَّاتِ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُ مَوْرِدِهِ، فَيُكَلَّفُ شِرَاءَهَا، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي مَاشِيَتِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا دُونَهَا فِي السِّنِّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّنَا أَخَّرْنَا الذَّكَرَ فِي الْغَنَمِ، مَعَ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي زَكَاتِهَا مَعَ وُجُودِ الْإِنَاثِ، فَالْبَقَرُ الَّتِي لِلذَّكَرِ فِيهَا مَدْخَلٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لِلذَّكَرِ فِيهَا مَدْخَلًا.
[مَسْأَلَةُ الْجَوَامِيسِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبَقَرِ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]
(١٧١١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْجَوَامِيسُ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبَقَرِ) لَا خِلَافَ فِي هَذَا نَعْلَمُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا، وَلِأَنَّ الْجَوَامِيسَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَقَرِ، كَمَا أَنَّ الْبَخَاتِيَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ، فَإِذَا اتَّفَقَ فِي الْمَالِ جَوَامِيسُ وَصِنْفٌ آخَرُ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ بَخَاتِيٌّ وَعِرَابٌ، أَوْ مَعْزٌ وَضَأْنٌ، كَمَّلَ نِصَابَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَأَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ. عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ هَلْ فِيهَا زَكَاةَ]
فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ، فَرُوِيَ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَقَرِ يَشْمَلُهَا،
الصفحة 444
532