كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 2)

الْقِيَاسُ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، فَإِيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهَا تَحَكُّمٌ بِالرَّأْيِ.
وَإِذَا قِيلَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ احْتِيَاطًا وَتَغْلِيبًا لِلْإِيجَابِ، كَمَا أَثْبَتِنَا التَّحْرِيمَ فِيهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ احْتِيَاطًا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا تَثْبُتُ احْتِيَاطًا بِالشَّكِّ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَهَا، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ. وَأَمَّا السَّوْمُ وَالْعَلَفُ فَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، لَا بِأَصْلِهِ الَّذِي تَوَلَّدَ مِنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلَفَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ السَّائِمَةِ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ، وَلَوْ أَسَامَ أَوْلَادَ الْمَعْلُوفَةِ، لَوَجَبَتْ زَكَاتُهَا.
وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ غَنَمَ مَكَّةَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَحُرِّمَتْ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، وَوَجَبَ فِيهَا الْجَزَاءُ، كَسَائِرِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ، وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مُتَوَلِّدَةً مِنْ جِنْسَيْنِ لَمَا كَانَ لَهَا نَسْلٌ كَالسَّبُعِ وَالْبِغَالِ.

الصفحة 446