كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 2)

سَوَاءً، وَقِيمَةُ الْمُخْرَجِ مِنْ أَحَدِهِمَا اثْنَا عَشَرَ، وَقِيمَةُ الْمُخْرَجِ مِنْ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مَعْزًا، وَالثُّلُثَانِ ضَأْنًا، أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ ضَأْنًا، وَالثُّلُثَانِ مَعْزًا، أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
وَهَكَذَا لَوْ كَانَ فِي إبِلِهِ عَشْرٌ بَخَاتِيٌّ، وَعَشْرٌ مُهْرِيَّةٌ، وَعَشْرٌ عَرَابِيَّةٌ، وَقِيمَةُ ابْنَةِ الْمَخَاضِ الْبُخْتِيَّةُ ثَلَاثُونَ، وَقِيمَةُ الْمُهْرِيَّةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيمَةُ الْعَرَابِيَّةِ اثْنَا عَشَرَ، أَخْرَجَ ابْنَةَ مَخَاضٍ قِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَةِ ابْنَةِ مَخَاضٍ بُخْتِيَّةٍ، وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَثُلُثَ قِيمَةِ مُهْرِيَّةٍ ثَمَانِيَةٌ، وَثُلُثَ قِيمَةِ عَرَابِيَّةٍ أَرْبَعَةٌ، فَصَارَ الْجَمِيعُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي أَنْوَاعِ الْبَقَرِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي السِّمَانِ مَعَ الْمَهَازِيلِ، وَالْكِرَامِ مَعَ اللِّئَامِ. فَأَمَّا الصِّحَاحُ مَعَ الْمِرَاضِ، وَالذُّكُورُ مَعَ الْإِنَاثِ، وَالْكِبَارُ مَعَ الصِّغَارِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ أُنْثَى، عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ رَبُّ الْمَالِ بِالْفَضْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا.

[فَصْلُ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَاب مِنْ غَيْر نَوْعه مِمَّا لَيْسَ فِي مَاله مِنْهُ شَيْء]
(١٧٢٣) فَصْلٌ: فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ مِمَّا لَيْسَ فِي مَالِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ نَوْعَيْنِ، فَأَخْرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا عَنْهُمَا. وَالثَّانِي، لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ، مِنْ غَيْرِ نَوْعِ مَالِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَفَارَقَ مَا إذَا أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ جَازَ فِرَارًا مِنْ تَشْقِيصِ الْفَرْضِ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الْإِخْرَاجَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فِي قَلِيلِ الْإِبِلِ وَشَاةِ الْجُبْرَانِ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[مَسْأَلَة الْخُلْطَة فِي السَّائِمَة]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَإِنَّ اخْتَلَطَ جَمَاعَةٌ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، وَكَانَ مَرْعَاهُمْ وَمَسْرَحُهُمْ وَمَبِيتُهُمْ وَمُحْلَبُهُمْ وَفَحْلُهُمْ وَاحِدًا، أُخِذَتْ مِنْهُمْ الصَّدَقَةُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْخَلْطَةَ فِي السَّائِمَةِ تَجْعَلُ مَالَ الرَّجُلَيْنِ كَمَالِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي الزَّكَاةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبٌ مَشَاعٌ، مِثْلُ أَنْ يَرِثَا نِصَابًا أَوْ يَشْتَرِيَاهُ، أَوْ يُوهَبَ لَهُمَا، فَيُبْقِيَاهُ بِحَالِهِ، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمَيَّزًا، فَخَلَطَاهُ، وَاشْتَرَكَا فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي نَذْكُرُهَا، وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ اخْتَلَفَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجِلٍ شَاةٌ، وَلِآخَرَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ يَكُونَ لِأَرْبَعِينَ رَجُلًا أَرْبَعُونَ شَاةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِمَا أَحْمَدُ وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّمَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ نِصَابٌ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَثَرَ لَهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، كَمَا لَوْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَا فِي نِصَابَيْنِ، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» .

الصفحة 454