كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)
منعت نساء بني إسرائيل , قلت لعمرة: أومنعن؟ قالت: نعم.
وفي جواب سؤال يحيى بن سعيد لها يظهر أنها تلقته عن عائشة.
ويحتمل: أن يكون عن غيرها.
وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفاً أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ولفظه. قالت: كُنَّّ نساء بني إسرائيل يتخذن أرجُلاً من خشب يتشرفن للرجال في المساجد، فحرَّم الله عليهن المساجد، وسُلّطت عليهن الحيضة. وهذا - وإن كان موقوفاً - فحكمه حكم الرفع , لأنه لا يقال بالرأي (¬1).
وروى عبد الرزاق أيضا نحوه بإسناد صحيح عن ابن مسعود. وقد أشرت إلى ذلك في أول كتابه الحيض (¬2).
وتمسَّك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقاً.
وفيه نظرٌ، إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم , لأنها علَّقته على شرط لَم يوجد. بناءً على ظنٍّ ظنَّته , فقالت " لو رأى لمنع " فيقال عليه: لَم ير ولَم يمنع، فاستمر الحكم حتى إنَّ عائشة لَم تصرِّح بالمنع. وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع.
¬__________
(¬1) قال الشيخ ابن باز رحمه الله (2/ 452): هذا فيه نظرٌ , والأقرب أنها تلقّت ما ذُكر عن نساء بني إسرائيل. ويدلُّ على إنكار الرفع , قولها " وسلّطت عليهن الحيضة " والحيض موجود في بني إسرائيل , وقبل بني إسرائيل , وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , أنه قال لعائشة لَمَّا حاضت في حجة الوداع: هذا شيئٌ كتب الله على بنات آدم " والكلام في أثر ابن مسعود المذكور كالكلام في أثر عائشة. والله أعلم.
(¬2) تقدَّم نقل كلام الشارح في أول باب الحيض. فانظره.