كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

أحدنا " ويذهب " جملةٌ حاليّةٌ - وهو وإن كان محتملاً من جهة اللفظ - لكنّه يغاير رواية عوفٍ، وقد رواه أحمد عن حجّاج بن محمّدٍ عن شعبة بلفظ " والعصر يرجع الرّجل إلى أقصى المدينة والشّمس حيّةٌ ".
ولمسلمٍ والنّسائيّ من طريق خالد بن الحارث عن شعبة مثله لكن بلفظ " يذهب " بدل يرجع.
وقال الكرمانيّ أيضاً بعد أن حكى احتمالاً آخر: وهو أي: قوله " رجع " عطفٌ على يذهب , والواو مقدّرةٌ , ورجع بمعنى يرجع. انتهى.
وهذا الاحتمال الأخير جزم به ابن بطّالٍ، وهو موافقٌ للرّواية التي حكيناها.
ويؤيّد ذلك رواية أبي داود عن حفص بن عمر - شيخ البخاري فيه - بلفظ " وإنّ أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشّمس حيّةٌ ".
وقد قدّمنا ما يرد عليها , وأنّ رواية عوفٍ أوضحت أنّ المراد بالرّجوع الذّهاب. أي: من المسجد، وإنّما سُمِّي رجوعاً لأنّ ابتداء المجيء كان من المنزل إلى المسجد فكان الذّهاب منه إلى المنزل رجوعاً.
قوله: (والشّمس حيّةٌ) أي: بيضاء نقيّةٌ.
قال الزين بن المنير (¬1): المراد بحياتها قوّة أثرها حرارةً ولوناً
¬__________
(¬1) علي بن محمد الاسكندراني. وانظر ترجمته هو وأخوه أحمد في ص (376).

الصفحة 27