كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)
الحديث. وللبخاري من حديث أبي هريرة " إنّ الشّيطان عرض لي فشدّ عليّ ليقطع الصلاة عليَّ، فأمكننى الله منه " الحديث.
وللنّسائيّ من حديث عائشة " فأخذته فصرعته فخنقته " , ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث أنّه جاء ليقطع صلاته؛ لأنّا نقول: قد بيّن في رواية مسلم سبب القطع، وهو " أنّه جاء بشهابٍ من نارٍ ليجعله في وجهه ".
وأمّا مجرّد المرور فقد حصل ولَم تفسد به الصّلاة.
القول الثالث: قال بعضهم: حديث أبي ذرٍّ مُقدَّم؛ لأنّ حديث عائشة على أصل الإباحة. انتهى.
وهو مبنيٌّ على أنّهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض.
القول الرابع: قال أحمد: يقطع الصّلاة الكلب الأسود، وفي النّفس من الحمار والمرأة شيء.
ووجّهه ابن دقيق العيد وغيره. بأنّه لَم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عبّاس (¬1) يعني الذي تقدّم في مروره وهو راكبٌ بمنىً، ووجد في المرأة حديث عائشة.
ووجه الدّلالة من حديث عائشة الذي احتجّ به ابن شهاب أنّ حديث " يقطع الصّلاة المرأة .. إلخ " يشمل ما إذا كانت مارّة أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلمّا ثبت أنّه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى وهي مضطجعةٌ أمامه
¬__________
(¬1) حديث ابن عباس مضى قبل حديث عائشة حديث الباب.