كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

الجواب الثالث: جمع بعضهم بين الحديثين: بأنّ الإبراد رخصة والتّعجيل أفضل، وهو قول مَن قال إنّه أمر إرشاد.
الجواب الرابع: عكسه بعضهم , فقال: الإبراد أفضل. وحديث جبّاب يدلّ على الجواز , وهو الصّارف للأمر عن الوجوب.
كذا قيل. وفيه نظرٌ؛ لأنّ ظاهره المنع من التّأخير.
وقيل معنى قول خبّاب " فلم يشكنا ". أي: فلم يحوجنا إلى شكوى بل أذن لنا في الإبراد، حكي عن ثعلب.
ويردّه أنّ في الخبر زيادةً رواها ابن المنذر بعد قوله " فلم يشكنا " وقال: إذا زالت الشّمس فصلّوا. (¬1)
وأحسن الأجوبة كما قال المازريّ الأوّل.
والجواب عن أحاديث أوّل الوقت أنّها عامّةٌ أو مطلقة , والأمر بالإبراد خاصّ فهو مقدّم.
ولا التفات إلى مَن قال: التّعجيل أكثر مشقّة فيكون أفضل؛ لأنّ الأفضليّة لَم تنحصر في الأشقّ، بل قد يكون الأخفّ أفضل كما في قصر الصّلاة في السّفر
¬__________
(¬1) وأخرج هذه الزيادة أيضاً الطبراني في " الكبير " (9/ 79) و " الأوسط " (2054) والبيهقي في " الكبرى " (1/ 644) من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب به.
ورواه الطبراني في " الكبير " (4/ 79) من طريق عمرو بن خالد الحراني وعمرو بن مرزوق كلاهما عن زهير عن أبي إسحاق. بهذه الزيادة. وقد صحَّح هذه الزيادة ابن القطان.
انظر البدر المنير لابن الملقن (3/ 650) والتلخيص الحبير للشارح (1/ 613).

الصفحة 509