كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

قوله: (بالصّلاة) كذا للأكثر، والباء للتّعدية , وقيل زائدة. ومعنى أبردوا أخّروا على سبيل التّضمين. أي: أخّروا الصّلاة.
وفي رواية الكشميهنيّ " عن الصّلاة " , فقيل: زائدة أيضاً , أو عن بمعنى الباء، أو هي للمجاوزة , أي: تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدّة الحرّ.
والمراد بالصّلاة الظهر؛ لأنّها الصّلاة التي يشتدّ الحرّ غالباً في أوّل وقتها.
وقد جاء صريحاً في حديث أبي سعيد , أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبردوا بالظهر فإن شدة. الحديث. أخرجه البخاري، فلهذا حمل البخاري المطلق على المقيّد. والله أعلم
وقد حمل بعضهم الصّلاة على عمومها بناءً على أنّ المفرد المعرّف يعمّ، فقال به أشهب في العصر، وقال به أحمد في روايةٍ عنه في الشّتاء حيث قال: تؤخّر في الصّيف دون الشّتاء.
ولَم يقل أحدٌ به في المغرب , ولا في الصّبح لضيق وقتهما.
قوله: (فإنّ شدّة الحرّ) تعليل لمشروعيّة التّأخير المذكور.
وهل الحكمة فيه دفع المشقّة لكونها قد تسلب الخشوع؟. وهذا أظهر.
أو كونها الحالة التي ينتشر فيها العذاب؟ ويؤيّده حديث عمرو بن عبسة عند مسلم حيث قال له: أقصر عن الصّلاة عند استواء الشّمس , فإنّها ساعة تسجّر فيها جهنّم.

الصفحة 510