كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

التّشبيه، أي: كأنّه نار جهنّم في الحرّ.
والأوّل أولى. ويؤيّده ما في الصحيحين عن أبي هريرة رفعه: اشتكت النّار إلى ربّها , فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير.
تنبيهان:
الأوّل: قضيّة التّعليل المذكور , قد يتوهّم منها مشروعيّة تأخير الصّلاة في وقت شدّة البرد، ولَم يقل به أحد؛ لأنّها تكون غالباً في وقت الصّبح فلا تزول إلاَّ بطلوع الشّمس، فلو أخّرت لخرج الوقت.
الثّاني: النّفس المذكور ينشأ عنه أشدّ الحرّ في الصّيف , وإنّما لَم يقتصر في الأمر بالإبراد على أشدّه لوجود المشقّة عند شديده أيضاً , فالأشدّيّة تحصل عند التّنفّس، والشّدّة مستمرّة بعد ذلك , فيستمرّ الإبراد إلى أن تذهب الشّدّة. والله أعلم.
وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد.
فقيل: حتّى يصير الظّلّ ذراعاً بعد ظل الزّوال، وقيل: ربع قامةٍ، وقيل: ثلثها، وقيل: نصفها، وقيل: غير ذلك. ونزّلها المازريّ على اختلاف الأوقات.
والجاري على القواعد , أنّه يختلف باختلاف الأحوال، لكن يشترط أن لا يمتدّ إلى آخر الوقت.
وأمّا ما وقع عند البخاري بلفظ " حتّى ساوى الظّلّ التّلول " , فظاهره يقتضي أنّه أخّرها إلى أن صار ظلّ كل شيءٍ مثله.

الصفحة 512