كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 2)

على النّاسي - مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه - فالعامد أولى.
وادّعى بعضهم. أنّ وجوب القضاء على العامد يؤخذ من قوله " نسي " , لأنّ النّسيان يطلق على التّرك سواءٌ كان عن ذهولٍ أم لا، ومنه قوله تعالى (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) وقوله (نسوا الله فنسيهم). قال: ويقوّي ذلك قوله " لا كفّارة لها " والنّائم والنّاسي لا إثم عليه.
قال: وهو بحثٌ ضعيف، لأنّ الخبر بذكر النّائم ثابتٌ , وقد قال فيه " لا كفّارة لها " والكفّارة قد تكون عن الخطأ كما تكون عن العمد.
والقائل بأنّ العامد لا يقضي , لَم يرد أنّه أخفّ حالاً من النّاسي، بل يقول إنّه: لو شرع له القضاء لكان هو والنّاسي سواءً، والنّاسي غير مأثومٍ بخلاف العامد , فالعامد أسوأ حالاً من النّاسي. فكيف يستويان؟.
ويمكن أن يقال: إنّ إثم العامد بإخراجه الصّلاة عن وقتها باقٍ عليه ولو قضاها، بخلاف النّاسي فإنّه لا إثم عليه مطلقاً، ووجوب القضاء على العامد بالخطاب الأوّل لأنّه قد خوطب بالصّلاة وترتّبت في ذمّته فصارت ديناً عليه، والدّين لا يسقط إلاَّ بأدائه , فيأثم بإخراجه لها عن الوقت المحدود لها , ويسقط عنه الطّلب بأدائها، فمن أفطر في رمضان عامداً فإنّه يجب عليه أن يقضيه مع بقاء إثم الإفطار عليه، والله أعلم.

الصفحة 515